الثلاثاء، أغسطس 14، 2012

لماذا يشرق العالم !!!



ان فكرة أن يصبح العالم مهدا لحالة توازن بين الشرق والغرب ، هي ليست رمي بحجر نرد وضرب في الفراغ ، ليست حالة اغماءة لعرافة دلفي أتت بخرافة.

انها الحقيقة.

تلك التي تنبثق من كل مكان ، تلك التي تبدو بوادرها في كل جانب ، في كل ركن ، من وراء كل باب ، من خلف كل مبنى.

ان العالم يشي من كل جانب فيه بأن الغرب يهوي تدريجيا ما ان يستمر الفكر الغربي المتعالي بالسيطرة على رواده .

ان أبسط نظرة للفكر الشرقي  سنجد فيه ميلا طبيعيا " للشراكة " بين الجميع ، في حين أن أبسط نظرة للفكر الغربي يشي بحس تنافسي يعلي من الفردية الى حد أن يقتل الجميع الجميع من أجل الفوز أو من أجل لا شئ.

كما ان المتأمل للفكر الذي ينتشر في العالم كالهشيم هو أن الأقليات المهشمة - تلك التي يعتبرها الفكر الغربي - القوى الضعيفة التي لا أهمية لها ، هذه الأقليات قامت من سباتها مطالبة بحقوقها ، مطالبة بكسر الصنم ، 

هذه القوى التي كانت الى حد قريب تسمى  الرعاع / الجزء الضعيف من البشرية / الكائنات البسيطة / أصبحت الآن تعيد كتابة التاريخ والحضارة.

لم تعد الرأسمالية تفي بالغرض ، العالم لم يعد مقسما الى نوعين : قوي ...وضعيف ...آكل ....ومأكول.


لقد تحولت مقاييس ومعايير السلطة ، ولعل من المدهش - رغم كل نبوؤات المفكرين الغربيين أنفسهم - بتدهور الغرب .

المدهش أن الانهيار ، هذا التهشم في السلطة....أتى من رحم الفكر الغربي نفسه.

من سيادة الفردانية والنزعة العلمية الجبارة .

ان الانترنت - وهي اختراع غربي خالص - هذه الشبكة اللامتناهية التي تصل الجميع بالجميع أذابت الفوارق ، وعززت سلطة الجمع ، وهزت النخب.

ولعلها فعلت هذا - أي الانترنت - من خلال حالة واحدة ، 


لقد منحت الانسان العادي المسكين صوتا.


ان هذا الصوت الذي اخترق الفراغ ، أعاد تشكيل العالم ، السلطة لم تعد بيد من يستطيع فعليا أن يعذب أو يقهر أو يخفي أو يضرب بعنف على الطاولة.

تحولت السلطة لتصبح القدرة الناعمة على اختراق وجدان - الرعاع / الكائنات الضعيفة / البسطاء ـ ومنحهم الحياة بكل تشكلاتها.

لم يعد بامكان القبضة السيطرة أكثر مما فعلت .

فالعلم المتوفر في كل مكان ، المعرفة المتاحة للجميع ، جعلت الناس يشاهدون كل شئ في كل مكان وفي أي وقت ، ولا يمكن منع العقل ولا يمكن السيطرة عليه ،


لم يعد مثلا بامكان أمريكا أن تستغل المشاعر البسيطة للشعوب في عمليات سيطرتها على ثروات الأمم ، فتلك الشعوب الضعيفة المغلوبة أصبح لها عقل و وعي منفتح - لحسن الحظ أن أمريكا هي من ساهمت بخلقه عبر انجازاتها التكنلوجية الهائلة - 

لقد قضت هذه الدولة العظيمة على ذاتها ، اذ لا يمكن أن يترافق حس العدالة مع حس الانتصار للأسد الجشع .

كيف يمكن أن يكون هناك بوستر واحد جامع لحقيقتين متناقضتين : سفاح و بابا نويل!!

ان هذا غير ممكن.

لقد أدرك العالم كله أن هذا غير ممكن ، الغرب ذاته يدرك أن هذا غير ممكن ، لكنه لا يزال يحاول اعادة السيطرة ، التي تبدو غير ممكنة أيضا ، فهي لا تتفق مع التاريخ ومع مسيرته.

الحضارات تنهار ما ان تنغلق على فكرها الخاص، لقد حدث هذا للعرب وللشرق سابقا ، يحدث الآن للغرب كذلك.

لهذا فان تفكيرا دقيقا عقلانيا في المنظومة الغربية وادراكنا أنها فعليا تمر بأزمة.

انتباهنا هذا الى أن العالم يسير رويدا الى كفة يتساوى فيها الشرق مع الغرب  كقوة ناهضة ....


ان هذا التفكير

يدفعنا للنظر للقيم الغربية بعين التحليل فعليا ...

لماذا ينهارون ؟

هل لأنهم آمنوا بالفردانية بشكلها المطلق المخيف.

هل لأنهم أرادوا سيادة العالم مهما كان الثمن.

هل لأنهم عاشوا وهم الديمقراطية الداخلية ومارسوا العدوان على الآخر.

هناك أسألة عدة....تحتاج الى اجابات .

ليست هناك تعليقات:

بحث هذه المدونة الإلكترونية