الثلاثاء، أكتوبر 15، 2013

هلال العيد ، عائشة السيفي ، وهموم من الوجود الى الآيس كريم.


 

بداية أود أن أنزه الله الخالق العظيم عن الحمق والحنق الذي نفعل ، ثم أود لاحقا أن لا أنزه أحدا في " صداع " ما قبل العيد الذي مر علينا ونحن نفتح شفة متسائلين ونغلق أخرى متحمحمين ، حسنا لنقل أن الله لا شأن له بسخافاتنا حقا ولا حتى بمدى مستوى الحكمة الذي قد نصل اليه ، فهذا لا يغير من سننه في الكون شيئا ، ومن بعد هذه المقدمة التي لا تشبه مقدمات الشعر لا الجاهلي ولا الحديث منه ، والتي تشبه نفسها فعليا منتجة من شخص كان يأكل الحلوى و يستمتع بوقته الى أن تصدع رأسه ب " هلال العيد " و " متى ظهر هلال العيد " و" هل نحن مستقلين أم لا" ...الى آخر هذه الحكاية التي صارت مملة قليلا !!

 

فما بدأ حول " هلال العيد " صار " احترموا عقولنا " ثم انتهى ب  " هل نحن مستقلين فعلا "

 

وفي الحالات الصعبة كالتي تحدث حين يكون الشخص لديه استعداد للموت بجلطة قلبية ، في مثل هذه الحالات وصل الأمر : هل نحن سادة مصائرنا  في هذا الوطن أم لا !!

 

في الحقيقة أفهم أهمية الهلال وأهمية الشريعة ولكني لا أفهم أهمية أن يتم تنغيص حياتنا بهذا الكم من الخبراء ومن المتحدثين ومن الخطباء ومن أصحاب الرأي في أمر " الهلال "  ، و صدقوني أنا أفهم جيدا أن في هذه البلاد ألف خبير ، وألف عالم وألف ألف كاتب ، وما تحت الحصى أكثر أكثر كذلك ، ولكني ، لكني فقط أتسائل لماذا تنغصون علينا عيدنا بالشك والثرثرة الكثيرة.

رغم أن القرار حقا هو للدولة ، يعني بأمانة صدعونا عالفاضي ، والحق يقال أن للدولة سلطة القرار في هكذا شأن ، ونحن نريد أن يكون للدولة هذه السلطة.

 يعني بصدق بصدق نحن لا نريد أن يكون قرار هكذا أمور بيد العامة ، فهذا كثير جدا ، اذ صار العامة يريدوا أن يكونوا مسؤولين عن كل شئ حتى فيما ليس من اختصاصاتهم فعلا...ولو كان للعامة أن يفتوا في شؤون الدولة على هواهم لقمنا من الغد باختراع ألف قانون وربما وصل بنا الحد الى امتلاك المريخ.

يا سادة ، يا خبراء ، يا عظماء .....

للدولة استقلاليتها ونفوذها وحقها بالقرار ، وهناك سلطة دينية ذكية متآلفة مع السلطة السياسية ونحن في خير من الله بسبب هذه الألفة وهذا التفاهم وهذه العقلانية..فارحمونا  ، وبصراحة خالصة لا جدوى حقا من ثرثرتكم...فهي لا تقدم شيئا، بالاضافة الى أنها لن تجعلنا نخترع الذرة فعليا.           .

 

وأيضا ... أنت يا سيدة عائشة ، أود أن أفهم لماذا تكتبين في هذا الأمر ، كاتبة مستقلة أديبة نحبها جميعا ،  أنا أود حقيقة أن أبلغك أني بدأت أطفر شوية من ذي السوالف ، فمنذ قضية " ليسو " المعلمات أو ما أعرف ماذا كان اسم تلك القضية يومها ، الى يوم هلال العيد و " احترموا عقول الناس " ،  وأنا أمر بحالة حيرة ...ولولا أني لا أزال شابة لارتفع علي الضغط والسكري وفي أسوأ الحالات كنت سأصاب بحالة ضيق أصفيها في الناس تاليا ويخرج من بين يدي جيل معقد !! أوتريدين أن تفعلي  هذا حقا !! أن تعقدي نفسية معلمة بحيث تدمر جيلا كاملا فيما بعد !! تخيلي لو أني غضبت بسبب حكاية الليسو ثم أصابني انفعال شديد فقررت أن العالم لا يستحق العيش فيه !!  

 

يا عائشة !!

 

منذ عرفتك ، كنت أديبة جريئة أحببتها ، ولكني أخشى من اليوم الذي سيمر ولن أقرأ بعدها مقالا موقعا باسمك .

فما حاجتنا لمقال مثل مقالك الأخير حول الهلال ، أنا  صدقا آسفة ولكنك أديبة معروفة وهذا مقال يكتبه طالب مدرسة.

ما أعرفه عن الأدباء هو أنهم يقدمون رؤية ، ان ما يتم تقدير الأدباء من أجله فعليا هو " الرؤية ".

 

ما يميز الأدباء عموما هو النظرة الجديدة التي يقدمونها للعالم وللناس فتساهم في فتح أبواب عظيمة ، تأخذ الناس من أيديهم فتمنحهم متعة أو اكتشاف ولكني حين قرأت مقالك لم أتمتع ولم أكتشف شيئا حول الهلال ، بل على الأرجح تملمت في كرسيي الذي أجلس عليه وأكملت أكل الآيس كريم و وجدت في أكله متعة وحبور و تحقق أكبر.

 

ثم أني لا أفهم ماذا عنيت بقولك : احترموا عقول الناس !!

 

هذه عبارة ظريفة حقا ولكنها ليست في سياقها ، ثم أني أعتقد أنها عبارة كذا مفعوصة داخل السياق الذي ذكرتيه ، فالدولة - أي دولة في العالم طبعا -  تعبر في وجودها عن " سيطرة " لا عن احترام ، ومفهوم احترام عقول الناس فضفاف جدا حين يتعلق الأمر بقضية جدلية دينيا وسياسيا كموضوع الهلال...وأنت لست خبيرة سياسية ولا خبيرة دينية ، ولست من أصحاب القرار ، ولست مؤهلة فعليا لنصح أصحاب القرار في شأن ليس من اختصاصك بالذات كهذا الشأن.

 

وحين تلمحين كذا تلميحا الى أن الدولة لا تحترم عقول مواطنيها فأني أود أن أتسائل : يعني كيف يمكن أن تحترم الدولة عقول مواطنيها فيما يتعلق بأمر خلافي أصلا بينهم كل شخص يراه بمنظوره .

 

يعني هذا أمر أكبر من الفكرة التي تكتبينها حول " اتباع العلم "  - وهي قضية أخرى بالمناسبة لا أود حقا التحدث فيها الآن – هذا القرار هو  شأن سياسي ديني بالأساس له توابع كبيرة وعظيمة في حال فقدت الدولة " السيطرة " و لجأت الى "الطبطبة "على رؤوس الخلائق كي ترضي هذا المذهب أو ذاك.

 

ولا أدري بعد حقا من الذي يجب أن تطبطب الدولة على رأسه ، ولماذا ، وأي عقول وأي وجهة نظر هي التي يجب أن تحترمها !! وأنت تقولين احترموا العلم ، لكن ما شأن العلم بالدين فعليا ، خاصة فيما يتعلق بالهلال ، يعني أنا أفهم فكرة استطلاع القمر علميا ، لكن ما شان هذا بقناعة الناس الرئيسية حول هل الموضوع في مجمله و الذين يختلفون فيه فعليا ليس حول رؤية الهلال ، ولكنه في العمق يختلفون فيه حول الاستقلالية الدينية وموقع مكة من أرض المسلمين عامة .

 

ثم هل فعلا على الدولة من الأساس  أن تطبطب...

 

يآخي الدولة تقرر وبس ...ونحن – المواطنون – نفعل ما تقرره ما لم ترمي بنا الى المريخ .

 

 

ورجاءا فعلا لا تجلسوا تصدعوا رآسنا ورآس الخلق ، ان كنتم لن تخترعوا الذرة.

وليبقى كل انسان في اختصاصاته فعلا.

 

 

هرمنا ....هنا في هذه الأرض التي تصير قضايانا المصيرية فيها محصورة في هلال وليسو.

غدا يصير جل اهتمامي :هذا الآيس كريم ... هل يفترض أن يكون بكرزة حمراء أم كرزة صفراء .
 
ولعلي أفكر في شن حرب كذلك من أجل  الكرزة الصفراء !! من يعلم !!

 

 

 

 

 

 

الأحد، أغسطس 25، 2013

عرافة دلفي .


يبدو أن القرن السابع عشر يعيد التموضع في الشرق الأوسط ، كما لو أن التاريخ يكركر ، متعاليا علينا جميعا .

أما أنا كعرافة - يطيب لها الايمان بأن هناك طريق يمكن رؤيته وسط الضباب ، أو حتى جسه ، أو شمه ، أو على أقل القليل محاصرته كفكرة ان لم يكن كوجود  .

فأني أتلذذ بفكرة محاولة اكتشاف هذا الغموض ، وأفكر أن كم سيكون فعلا مثيرا للبهجة العودة هنا ، متسللة كبحار دس ورقة في زجاجة ثم لم يرم بها الى البحر بل خبأها وسط الأشجار ،  ثم عاد اليها ولو بعد زمن غير قصير ، ليعيد النظر ، عاد لا ليثبت لنفسه أنه قد حاصر الزمن ، بل ليثبت لنفسه بأنه قد استطاع  خلق " حالة "  تمكن فيها من محاصرة الزمن ولو لثانية.


 ربما  غدا سأكركر أنا بدوري قليلا ، وربما أعود لأتعالى على نفسي ، في مرح لا يناكف مرح الزمن المستدير أبدا.....

لكني سأحاول الآن في لحظة وجودي هذه ، أن أستجيب لغريزة حمقاء هي : معرفة المستقبل .

ولعلي سأقول كما يقول عازف عود لنفسه لحظة حبور أو شجن : وما الضرر ! كل شئ لا يساوي شيئا ، واللاشئ يساوي كل شئ ، وأنا فقط موجود كما أعلم.

حسنا ...لن أقول لعل ...ربما ..قد يحدث...من الممكن.

بل سأكون جازمة تامة مطلقة ، هه ، سأحاول أن لا أبتسم ها هنا - عبثي أو غير عبثي - تبا سأفعله......ان لم يكن منطقيا أن أفعله ، فلا منطق كذلك في عدم فعله ، ابتعدوا عني وحسب ريثما أمارس هرطقاتي ، تنبؤاتي ، والشئ الكثير من التفلت من القانون ،  دام أني ألتزم بكل قوانين المدنية ، فان من حقي مناكفة قوانين الأفكار.

حسنا :

ها أنا أرمي بنرد دلفي ، لعلها كانت لا تستخدم نردا اذا ، لربما هي تستخدم البخور وشئ من المخاتلة ، لعلها مثلي تبتسم وهي تعرف أنها بعد قليل ستمر بحالة " كشف " ههههههه.....نعم ...ربما....هو الكشف اذا .....

المهم .

سأرمي بالنرد ..أو أشعل البخور ، أو سأفعل شيئا ييدو منطقيا في استدراج حالة من الخدر نحو نبش الغياب المستقبلي ، حالة من سيدخل رأسه في كوة الزمن ، أو حالة من يمسك بلحظة ما ، يقتنصها كما يقتنص صقر طائرا ما ، يباغته في لحظة غير مستوعبة .

حسنا حسنا ...لنبدأ :


عمان والامارات كيانان ناجيان  - فهناك قيادة - تظهر مستنيرة وعارفة - و الأمر أنهما مختلفتان جوهرا - متطابقتان حد التلامس..هما متلامستان فعليا جغرافيا في الحقيقة.

عمان والامارات هما الحداثة في شكلها المتناقض ، هما الهوية في تجردها العجيب المتكامل ، في قدم تثب في أحدهما نحو مطلقها ، وفي قدم تمسك بالهوية في أحدهما نحو ثباتها ، 

وأحبهما معا...

هما الرأس حين يدير الجسد بمهارة واحتراف ، هما التمكن ، هما تجسد الوجود الانساني في سيادة عقله ...وهما ليسا كمصر : روح حرة أبدا ، الا أنهما لا بد أجمل ما يمكن للصقل أن يكون عليه ، هما التحقق الذي يتمظهر في لاكماله الجميل المخاتل...

وأحبهما معا...


أمممم


الكويت : ناجية هي الأخرى...ولا أعرف لماذا حقا..هناك كثير من الحرية وشئ من الابداع ومن الجنون...وحدهم الأحرار المبدعون المجانين ناجون لا بد.


مصر : لا تكتبها قياداتها هذه المرة ، بل هي تكتب نفسها ، حاضرة بارادتها الخاصة ، 
أواااه يا مصر ، وفي أي زمن حقا نامت ارادتك ، كم أحب هذا البعث ، رؤيتك تبعثين هي انعتاق روحي نحو لا حدودها ، مصر خالقة في روحي عرسا خالدا ، أحب رؤية حريتك الخالدة.

أواااااااه يا مصر...أيتها العظيمة.

لا ليس الأهرام هو خلودك ، لا وجه أبو الهول واقفا متحديا الزمن والتاريخ ، بل أنت ، أنت الحرة أبدا ، المبعوثة أبدا حرية في روح كل من يحياك.
ارقصي حرة أبدا ، معك نرفع اليد والعلم ، أنت الروح ونحن الرافعون رأسا نحوك : لست الا خلود ، ولسنا الا متطلعين فرحين.

ونحن لا نملك روحك ولا عظمة وجودك ، الا أننا في ظل عظمة روحك نسير ، بالصقل نحن نسير ، لا نلامسك ولا نستطيع ، من يملك أن يلامس وجه أبو الهول في وقفته  ، نملك فقط أن نستمد من روحك قوة بعثك الدائمة...وبك نبقى نحلم نحلم باللامستحيل ، معك نبقى نعيش نعيش أملا يدفع بنا الى صقل أفضل ...أنت النور ونحن المستنيرون.


تونس : تحارب من أجل التكيف ، بخطى ممكنة ...ستنجو .
لعلها هي الأخرى تتعلم رويدا أن تسير بخط ليس أعرج ، لعل في حرياتها المتطرفة في كل اتجاه ، لعل كون متمايز آخر...يتخلق.


سوريا - البحرين - العراق - السعودية - قطر - ليبيا 

أي شيطان يستطيع حقا أن يعرف مستقبل هذه الكيانات ، لا بد اله هو من يعرف.. فوحدها ارادة الهية تعرف هذا ....

أوه...هنا تنتهي حفلات دلفي....فهناك أكبر من محاولتي لاقتناص الزمن، هناك الصمت أمام البشرية وهي تتوجع.

بالله سأبعثر يدي ، هذا ما لا أستطيع مطلقا المرح معه ، فهناك كثير من الحزن والوجع يتكاثر هناك ، وهناك ما لا طاقة لي بملامسته أو حتى المرور عليه بعبث  ، الى هنا ويقف حد المرح مع الزمن...وحده الصمت يفرض نفسه علي أمام آلامهم جميعا.


فقط سأقول : ليكن هناك سلام يملئ أرواح الجميع هناك...فكم يبدو ضبابيا جدا عالم هذه الكيانات....ضبابي جدا.

يا رب ..أني أعرف أني لست طيبة جدا ، وأن دعواتي تشبه قوس قزح يشق السماء ، آملة مترجية حالمة...

لكن يا رب

احم كل العرب والمسلمين .....

يا رب

اجعل السلام طريق البشرية ، وان كان لا بد من المناكفة أحيانا فليكن على كرة قدم ، بدلا من طبق صواريخ.

آمين يا رب...






الاثنين، أغسطس 12، 2013

امرؤ القيس ، حبيبي يا امرؤ القيس .




يلومني البعض لأني أفكر كثيرا في السياسة ، هذا اللوم ليس صدفة أو حادث عابر ، هذا هو الدوام ، الحدث الدائم الذي لا ينتهي : " لماذا تضيعين أنوثتك بالأفكار وبالتفكير ؟!!!"

تنصحني صديقة غالية وعلى شفتيها ابتسامة لئيمة : " ستخسرين أنوثتك ان ازددت معرفة أكثر من كذا "!!!

الأنثى في قاموس الصديقات : شئ خلق للجمال ، وللجمال أسرار ، ليس أحد هذه الأسرار : التفكير ، ليس أحدها طبعا البحث ليل نهار شغفا في موضوع ما ، هن يؤمن بعمق ، أن ليس هناك تجد الأنثى ذاتها ، الأنثى خلقت للانسجام ، للحب ، للعطر ، ولأجمل الأشياء.



تشدني صديقة أخرى من يدي : " وش مالك ومال الأخوان ، يا بنتي فكري في المتعة وفي الشعر وفي الفنون ، هناك تجدين نفسك "....ثم تشير لي بيدها الخفيفة : " هيا لنشتري فساتين جديدة ".


في العمل أتلقى ذات اللوم ، الزميلات لديهن فلسفة عميقة حول جوهر الأنثى : الأنثى كائن ناعم ، متمايز برقته ، كائن يهيم في  "حرمة" وجوده الخاص في الخدر ، الأنثى هي النشوة التي يجب أن تبقى محلها ، صامتة وعنيفة وغير متوهجة ، هادئة هدوء الصمت ، بليغة بلاغة الغياب.


وحين أبدأ في تصديقهن قليلا وأتلذذ بخداع نفسي ، أفتح قلبي قليلا ، فيضج هناك زمن يتفتح فيه صوت عذب من الأعماق ، صوت يأتي مع نشوات الليل المدفونة في القلب والذاكرة ، فأقتنع بأن السياسة وجع في القلب ، وأقول بصفاء نية :
"امرؤ القيس ، حبيبي يا امرؤ القيس ..هل نتحدث اذا عن امرؤ القيس ".


فتقول امرأة بالجوار وهي ترفع حاجبا  : "قيس الماجن الخليع الذي لا سامحه الله "



أحتار : " طيب لنتحدث في السياسة اذا ، الأخوان "...فتقاطعني امرأة أخرى : " تبا ، السياسة مجددا "


ثم تبدأ في تلاوة سيرة الأنثى كما تجب :



المرأة يا ابنتي ، صوت ناعم حذر ، كيفما تحرك ، وجب أن يهدأ....لا أن يعبر عن وجوده .المرأة يا ابنتي ، لا شغل لها بالسياسة والأخوان وامرؤ القيس الماجن ، المرأة هي ما يريد لها وليها ، هو يعرف صالحها افضل من أيا كان ، وهي خلقت لتحيا في كسل ناعم بهيج مثمر.


أقاطعها كما لو أني لم أسمع خطبتها ، سارحة في معلقة امرؤ القيس أسألها : " هل تعرفين لما علقت قصيدة امرؤ القيس على الكعبة "

تقول : " لاااااااا ،ولا أهتم ، رجل لم يحترم النساء هو "


أتنحنح قليلا ، وأقول : "هو يحب النساء صدقيني..جدا جدا..." ثم أضحك.

تسألني هي : " وهل الحب هو الاحترام"؟ "


أجيبها : " الحب هو الاحترام ،
 هو أن ترى في الآخر كفؤا وندا ..طبعا طبعا"


لا يعجبها كلامي ، ولا يريحها مدحي لامرؤ القيس ولا شغفي بجنونه و ولعه ، وهي لا تريدني أن أتحدث في السياسة ولا في الأخوان ، ثم بعد جهد جهيد في التلطف بي تقول " " طيب ، ماذا تحبين في امرؤ القيس ...اخبريني ".

أرد بسرعة سهم منطلق : " أحب حيويته ...صدقه الدافق المجنون ، لغته الجزلة التي تصير شلالا منبعثا كنجم يتفكك في الفضاء بهيا وخلاقا ".


توقف اندفاعي فتقول : " المرء يحشر مع من أحب يا شابة " ، ثم تبتسم بلؤم...


أسمعها ولكن كأني لا أسمعها ، و في تلك الثانية تحضرني الحكمة المستغانمية :



" ليس هناك أنصاف خطايا ، ولا أنصاف ملذات ، لذلك لا يوجد مكان ثالث بين الجنة والنار ، فعلينا تفاديا للحسابات الخاطئة ، أن ندخل أحدها بجدارة ".

تنظر الي المرأة مجددا ، تحدقني بنظرة حنونة ، تهمس لي في حنان : اسمعي يا ابنتي ، هذه أمور لا يجب أن تفكري فيها ، صدقيني ، أنت تهدرين حياتك في فراغ "

أنظر اليها وأشعر بالندم :

" طيب ، أنا آسفة لأني أحب امرؤ القيس "

أصمت قليلا وقلبي لا يزال يردد في صمته : " امرؤ القيس ، حبيبي يا امرؤ القيس ".



الاثنين، يوليو 15، 2013

رمضان : الزمان والذاكرة والانسان والخلق.



في ليل رمضان ، يمكنك أن تحمل قدميك ناحية الأشياء العميقة ، فترى وتسمع صوت الزمن عابرا قلبك الى قلب التاريخ .

في رمضان تطرح الأسئلة الكبرى .

كم يلزمنا من النظر للآخرين حتى نفهمهم.


نصوم لأسباب عدة ، من بينها الاحساس بالآخرين ، فهم آلامهم ، ذاكرتهم ، أحزانهم ، افتقارهم لما يجعلنا قادرين على الحياة.

في رمضان تشرع الأسئلة الكبرى سفنها ، تمضي في بحرها الأزلي نحو نور عتمتها.


حين يصير رمضان ظاهرة ضوئية ، ضوء يتفتت طعام وبهجة و شئ كثير من الجمال ، رغم ذلك تبقى الروح هي الروح ، خارجة من سجنها الى سجنها الآخر.


ما نصوم من أجل أن نتحدث اللغة يا النبي محمد  أليس كذلك ؟!! 

ما نصوم كي نجعل من آلامنا فتحا جديدا لبهجاتنا الليلة؟؟!!!



نصوم لنفتح قلبا نحو الآخر .

لكي نشعر في لحظة ألم آلام الآخر.


نصوم لنرى الآخر ...

لكي يصير تشابهنا هو تشابهنا ذاته : سفرنا نحو الواحد المطلق.



في رمضان أعيد قراءة الكتاب مرة أخرى.

أعيد استكشاف القرآن واللغة والكلمات ، أبحر في الكلمات وأعيد خلق الذاكرة.



من لم يعد في نفسه الخلق في رمضان !!

فأي عيد يكون لديه ؟!


العيد المجيد المفتوح على حالة تخلق : بادئا من رمضان ماضيا نحو أغوار التاريخ وأغوار الذات الانسانية.


مجدا يا عيد ، مجدا يا  رمضان .

الجمعة، يوليو 12، 2013

احتفال....وتفكير....


أنا سأحتفل بيوم النهضة العمانية في 23 يوليو ...كيفي ...

واذا فكر أحدهم أن يضايقني أو ينغص علي بتذكيري بالمشاكل ، فسأقوم بشي صرصار له و أضعه في أكله .

فاما أن نبدأ بتذكير بعضنا بالنهضة والتقدم والعمل معا ....

واما أن نأكل صراصير مشوية.

الخيار ليس صعبا.

لكن المشكلة أن هناك من يحب طعم الصراصير.....

أمممم يآخي هل يجوز أن أقول في رمضان !! تبا لهم !!

الخميس، يوليو 04، 2013

يوم عيد

أبارك للشعب المصري العظيم انفلات وجعهم مع الأخوان ، الأخوان الذين صدعوا برأس الأمة بآمالهم الغريبة وأفكارهم الأغرب الأبعد عن الواقع والأكثر تصلب.

وأبارك للأمة العربية مستقبل لن يكون فيه سلطة " للمندعصين " بآلامهم الداخلية ، بل مستقبل لمن يركبون على ظهر الريح في سباق مع الزمن من أجل التقدم


للشباب


للأمة العظيمة

للطموح


للروح المنفلتة من عقال مخاوفها ورعبها و تمحورها على قلقها الوجودي

للشباب


للشباب

للشباب

للروح التي تقود ولا تقاد


أبارك لأمتي العربية أننا نعيد البداية...................


مرحى


هذا يوم عيد

متعبة ...متعبة جدا....


انا متعبة ، متعبة جدا ....

يا كل هؤلاء الناس من حولي...

ويا لوحدتي ...................................

أرغب بالبكاء

حمامة تضرب بجناحها الحر في السماء ، 

من قال أن الحرية ....ليست شقاء !!!!


الجمعة، يونيو 28، 2013

قهوة ساخنة على مهل.......



كانت تريد أن تشعر ببساطة ، وأن تفكر ببساطة ، وأن تحلم ببساطة ، وأن تجلس تحت نافذة القمر ليلها كله ، مرتاحة وكسولة ، لا تفعل شيئا ، لا تحرك شيئا ، ذائبة في المطلق ومتلاشية.
الأمر لم يكن بيدها ، اعادة الخلق أيضا لم تكن خيارا لها ، محكومة سلفا بالإنسانية ، مقبوضة الشعر بربطة الأنوثة ، مدفوعة قهرا بالنار الداخلية العميقة ، كان خيارها الوحيد أن تنسى أمر البساطة.
-          " كل شئ في حياتي مشدود بين وترين " تفكر ، كم تود أن تترك أصابعها لتنثر شعرها سخطا ،

 تفرقع أصابعها تاليا و تهمس لنفسها في قهر :
-          " تبا ، لو أستطيع الخلاص "!!!

ينظر اليها بعمق ، يبعثر شعرها معها بعينيه كما لو أنه قليلا ويفك الحجاب  ، يحملق في وجهها ،

 باحثا عن ذاكرتها وعقلها وتعرجات كينونتها المثيرة للاهتمام ، يكاد أن يتدخل في وجودها.

يفكر هو ، تفكر هي ، ترفع رأسها اليه ، تجد وجهه أمامها تفصلها عنه  طاولات وكراسي وأشخاص كثر من عائلاتهما معا ، تعض على شفتيها مكررة لنفسها ذات أغنية الغضب : " تبا له ".

يتفاجئ بعينيها الحلوتين الغاضبتين المسددتين نحوه ، يظل متجمدا في مكانه ، لا يفهم الأمر ، يتحرك بهدوء في نية نحوها ، أما هي فقد استأذنت الجميع سلفا  ولهذا وجب أن تقوم ، تتململ في كرسيها قليلا وهو يتجه نحوها  ، يتحرك خطوة أخرى نحوها وهو يسألها ان كان بحاجة الى أن يوصلها ، تنظر اليه ، تزيد حركتها  على كرسيها قلقا ، تفز واقفة و تترك الغرفة كمن لدغته عقرب....تهمس بسرعة : - " لا.....شكرا "

يقف مكانه مترددا ، يسحب كرسيه ليجلس على مهل متسمرا مكانه.

محتارا ، محتارة ،  صوت عاملة النظافة في البيت تصدح مدندنة أغنيتها الهندية المرحة ،

/

مفتاحها يسقط في الممر.

/

-          " قلت لك مرارا وتكرارا أني لا أود الذهاب معكم الى بيت عمي "....
-          " أنت غير منطقية....تعقلي قليلا ".
تفكر هي ما المنطقي !! كيف يمكن أن تمشي أربع خطوات باسم المنطق حين تجد أغنية في قلبك تخلط الأمر لك كخلاط العصائر !!
هي لا تستطيع أن تقول لأمها أنها لا تود الذهاب الى هناك لأن قلبها يسقط في خمسة أمتار تفصل بينها وبينه ، وأن قلبها يطيب له الاقامة هناك في تلك المساحة من اليتم والعزلة والجنون واللذة  ، هي لا يمكنها أن تقول أنها  تتعلق بصوته المفتوح على المعنى ، في كل نبرة من صوته خدر يهاجمها ، وحين تفكر هي  بالأمر جيدا ككائن لغوي متعقل  تجد أن صوته أشبه شئ بقطعة كعك مغمسة بالحلوى و مشربة بالعسل في كل نسيج فيها ، هو يثير قلقها ، يثير مغصا في بطنها ، يثير غضبها و شوقها ، تقوم غاضبة لأنها لا تود أن تسير نحوه ، وهي أيضا لا تود أن تسير بعيدا عنه......

صداااااااااااااع
-          " قلت لك أني مرهقة جدا يا أمي " ....

تمسك مبررا تلو مبرر ، تفتت كل المبررات ثم تخلق أخرى ، تبحث عن مقاعد للكذب لتحجزها واحدا تلو الآخر ، تفكر كثيرا ، ثم تفكر مرة أخرى....

وحين تنتهي من رحلتها العقلية في دهاليز التغطي ، تصل الى قناعاتها الحاسمة التي لا تتغير ، و في كل مرة تؤكد على أمها بحسم تاجر ينوي شراء بيت في شاطئ القرم  : - " أنا لن آت معكم ، لا مصلحة لي هناك ، كلاااا لن أفعل ...خلاااااص ".

وفي كل مرة يذهبون فيها الى بيت عمها الصغير الذي يعترش مكانا بسيطا وطبيعيا في مدينة بسيطة وطبيعية ، تجد نفسها مستنفرة تماما ، هي تتسائل ان كان يفكر في غيابها  و تتسائل ان كان يعض على أصابعه مثلها ويطوي الغرفة مثلها ، ويحملق في الشجر مثلها ويجد مثلها في ضوء الشارع ونسا في أوقات باردة ، تدحرج كرسيها أمام طاولتها الغالية المصنوعة يدويا والتي ابتاعها لها والدها كهدية ، ثم تفكر ، وتفكر طويلا ، ماذا ستفيدها زيارة رجل بسيط  ، هي فقط تحب الشعر وتشربه كقهوة ساخنة على مهل ، لكنها لم تعش الشعر مطلقا ، فهي فرس قوية تجيد حساب الخطوات والفوائد قبل القفز فوق حواجز الخسارات ، وهي طفلة والدها العاقل جدا والمنطقي جدا ، هي تعرف ماذا يعني أن تفتح بابا للحرارة في ليلة قيظ حارقة ، هي فقط  لا تحب شرب القهوة الا على عجل ودون تفكير طويل ، مرة واحدة .....سريعة ...وحاسمة...........

لكنها تقف أمام مرآتها الآن لا تدري ان كان للأوراق النائمة على طاولتها روح لتتكلم ، فماذا عساها تقول !! هل الأوراق قد تعبت من كل شئ قد احتوته كعقلها الذي بات يئن ، وهي لم تعد تعرف ان كان وقت الياسمين النائمة على راحة كفها قد انتهى ، هي فقط تريد أن تحلم وأن تحلم بالكثير، الكثير الذي تريد أن تفكر فيه وأن تفعله دون أن تباغتها لحظات لا معنى محدد فيها ،

تتنهد .....آه

تقرر أن تلملم أوراقها وتذهب الى عملها ثم الى مقابلة مديرها قبل أن يفتك بها جنون القهوة والأفكار.

 تسوق سيارتها نحو مكتبها ، تركز كثيرا في الشارع ، تفكر كثيرا ، تفكر كثيرا ، لكن أشجار الشارع تسرقها  ، تحلم بالمطر وبالرقص تحت وقع احتدام المطر بعطر الأشجار و ذرات الأرض....وتفكر في بيت عمها.

تهز رأسها ، تفكر ربما هي الحرارة ، ربما هي تهلوس ، تضع أصابعها على جبينها ، ودون أن تنتبه للفاصل بين الشارع والحلم ، تجد نفسها في الحلم ، هناك في بيت عمها ، قريبا من  أشجار حديقة بيت عمها البسيطة ، ، تعود للشارع مجددا ، منتبهة ، تفكر ، تشبه هذه الأشجار التي في الشارع اشجار حديقة عمها ، غير مقلمة كثيرا وغير منظمة كثيرا ، عشوائية وطبيعية .

تصل الى مكتبها ، تفتح باب سيارتها بتثاقل ، تقفز الى حيث يقع مكتبها ، ها هي قفزة الفرس التي تود أن تصل الى خط النهاية قوية و منطلقة وفائزة.

تدخل الى مكتبها ، تضع أوراقها الثقيلة وحقيبتها الرمادية ، و ترتاح في كرسيها الذي تعبت من أجله .

يرن هاتفها على مهل ، رنة خفيفة وبسيطة ، تنظر اليه كصقر سيهوي على ضحيته بعد ثوان ، ثم يباغتها اسم ابن عمها في هاتفها يومض كنجمة سقطت من السماء نحو صدر هاتفها ، تتلعثم ، تتحرك في كرسيها محتارة ، تمد يدها ثم تطويها ، تترك الهاتف مرتعشا برنينه الخفيف على طاولتها وتحملق فيه كمن يخشى الطاعون ، تردد :

-          "لا "

يرن الهاتف مرة أخرى ، تنظر اليه ، لا تستطيع احتمال خفته أكثر فتمسك بالهاتف بين يديها ريحانة تعبق في المكان ، فرحا يأتي على شرف مفاجأة تسعدها وتخافها ، تهمس في هدوء : " – آلوووو"

يأتيها صوته الباذخ بالمعنى ، يلهب أفكارها بمواليد جديدة ، أشجار جديدة ، أحلام جديدة ، أوقات جديدة ، يضئ المكتب بأريج خفي خفيف ، يصير المكان بسيطا ، كل شئ يترتب في مكانه ويصطف ، كل شئ الآن يبدو غير عبثي ، الله الآن موجود ومتجلي ، والرحلات الجميلة تصير موجودة ، كل شئ يتسق وينسجم ، حتى الشجر المرفرف من خلف نافذة مكتبها يصير ذاكرة.....

-          " آلو ، أحلام ، أنا سالم "

يصمت صمته الموارب الخفيف الخفي المشتبك بالطبيعة وبالكون، الملتحم.....

مشغوفة ترد : - " آهاه ...نعم ..."

-          " أحلام ، وددت أن أطلعك على أمر مهم ...هل أنت في مكتبك ؟"

تتفاجئ أحلام ، تتبعثر ، تنظر الى مكتبها ، يرتج في داخلها ألف سؤال دفعة واحدة ،

الا أنه لا يسمح لها بالتفكير كثيرا اذ يفاجئها أسدا قويا : - " لقد نسيت مفتاحك في بيتنا ، أظن أنه مفتاح درج مكتبك ، لا بد وأنه مهم لك "!!

تفتح عينيها العسل على اتساعهما ، تمسك درج مكتبها بقبضة يدها الا أنها تتفاجئ بأن الدرج لا يفتح .

ترد مختنقة : - " نعم صحيح ، يبدو أنه مفتاح درج مكتبي اذا....هل تحضره لي "؟!!

تسمع قهقته على الهاتف ، تتردد قهقهته  في أرجاء مكتبها ، فتفزع ،

يأتيها صوته من الهاتف وفي أرجاء المكتب قائلا لها : - " تريديه ....تعالي وخذيه ، أحضرت لك معي أيضا قهوة ساخنة سنشربها على مهل  ".

تلتفت يسارا تجاه الباب مدركة عمق الورطة التي هي فيها ، تنظر نحو الباب فتراه واقفا هناك .

ترفع رأسها اليه ، تجد وجهه أمامها مباشرة ، لا  تفصلها عنه  لا طاولات ولا كراسي ولا أحد ، تعض على شفتيها مكررة لنفسها ذات أغنية الغضب :

-          " تبا له "............






















بحث هذه المدونة الإلكترونية