الأحد، أغسطس 25، 2013

عرافة دلفي .


يبدو أن القرن السابع عشر يعيد التموضع في الشرق الأوسط ، كما لو أن التاريخ يكركر ، متعاليا علينا جميعا .

أما أنا كعرافة - يطيب لها الايمان بأن هناك طريق يمكن رؤيته وسط الضباب ، أو حتى جسه ، أو شمه ، أو على أقل القليل محاصرته كفكرة ان لم يكن كوجود  .

فأني أتلذذ بفكرة محاولة اكتشاف هذا الغموض ، وأفكر أن كم سيكون فعلا مثيرا للبهجة العودة هنا ، متسللة كبحار دس ورقة في زجاجة ثم لم يرم بها الى البحر بل خبأها وسط الأشجار ،  ثم عاد اليها ولو بعد زمن غير قصير ، ليعيد النظر ، عاد لا ليثبت لنفسه أنه قد حاصر الزمن ، بل ليثبت لنفسه بأنه قد استطاع  خلق " حالة "  تمكن فيها من محاصرة الزمن ولو لثانية.


 ربما  غدا سأكركر أنا بدوري قليلا ، وربما أعود لأتعالى على نفسي ، في مرح لا يناكف مرح الزمن المستدير أبدا.....

لكني سأحاول الآن في لحظة وجودي هذه ، أن أستجيب لغريزة حمقاء هي : معرفة المستقبل .

ولعلي سأقول كما يقول عازف عود لنفسه لحظة حبور أو شجن : وما الضرر ! كل شئ لا يساوي شيئا ، واللاشئ يساوي كل شئ ، وأنا فقط موجود كما أعلم.

حسنا ...لن أقول لعل ...ربما ..قد يحدث...من الممكن.

بل سأكون جازمة تامة مطلقة ، هه ، سأحاول أن لا أبتسم ها هنا - عبثي أو غير عبثي - تبا سأفعله......ان لم يكن منطقيا أن أفعله ، فلا منطق كذلك في عدم فعله ، ابتعدوا عني وحسب ريثما أمارس هرطقاتي ، تنبؤاتي ، والشئ الكثير من التفلت من القانون ،  دام أني ألتزم بكل قوانين المدنية ، فان من حقي مناكفة قوانين الأفكار.

حسنا :

ها أنا أرمي بنرد دلفي ، لعلها كانت لا تستخدم نردا اذا ، لربما هي تستخدم البخور وشئ من المخاتلة ، لعلها مثلي تبتسم وهي تعرف أنها بعد قليل ستمر بحالة " كشف " ههههههه.....نعم ...ربما....هو الكشف اذا .....

المهم .

سأرمي بالنرد ..أو أشعل البخور ، أو سأفعل شيئا ييدو منطقيا في استدراج حالة من الخدر نحو نبش الغياب المستقبلي ، حالة من سيدخل رأسه في كوة الزمن ، أو حالة من يمسك بلحظة ما ، يقتنصها كما يقتنص صقر طائرا ما ، يباغته في لحظة غير مستوعبة .

حسنا حسنا ...لنبدأ :


عمان والامارات كيانان ناجيان  - فهناك قيادة - تظهر مستنيرة وعارفة - و الأمر أنهما مختلفتان جوهرا - متطابقتان حد التلامس..هما متلامستان فعليا جغرافيا في الحقيقة.

عمان والامارات هما الحداثة في شكلها المتناقض ، هما الهوية في تجردها العجيب المتكامل ، في قدم تثب في أحدهما نحو مطلقها ، وفي قدم تمسك بالهوية في أحدهما نحو ثباتها ، 

وأحبهما معا...

هما الرأس حين يدير الجسد بمهارة واحتراف ، هما التمكن ، هما تجسد الوجود الانساني في سيادة عقله ...وهما ليسا كمصر : روح حرة أبدا ، الا أنهما لا بد أجمل ما يمكن للصقل أن يكون عليه ، هما التحقق الذي يتمظهر في لاكماله الجميل المخاتل...

وأحبهما معا...


أمممم


الكويت : ناجية هي الأخرى...ولا أعرف لماذا حقا..هناك كثير من الحرية وشئ من الابداع ومن الجنون...وحدهم الأحرار المبدعون المجانين ناجون لا بد.


مصر : لا تكتبها قياداتها هذه المرة ، بل هي تكتب نفسها ، حاضرة بارادتها الخاصة ، 
أواااه يا مصر ، وفي أي زمن حقا نامت ارادتك ، كم أحب هذا البعث ، رؤيتك تبعثين هي انعتاق روحي نحو لا حدودها ، مصر خالقة في روحي عرسا خالدا ، أحب رؤية حريتك الخالدة.

أواااااااه يا مصر...أيتها العظيمة.

لا ليس الأهرام هو خلودك ، لا وجه أبو الهول واقفا متحديا الزمن والتاريخ ، بل أنت ، أنت الحرة أبدا ، المبعوثة أبدا حرية في روح كل من يحياك.
ارقصي حرة أبدا ، معك نرفع اليد والعلم ، أنت الروح ونحن الرافعون رأسا نحوك : لست الا خلود ، ولسنا الا متطلعين فرحين.

ونحن لا نملك روحك ولا عظمة وجودك ، الا أننا في ظل عظمة روحك نسير ، بالصقل نحن نسير ، لا نلامسك ولا نستطيع ، من يملك أن يلامس وجه أبو الهول في وقفته  ، نملك فقط أن نستمد من روحك قوة بعثك الدائمة...وبك نبقى نحلم نحلم باللامستحيل ، معك نبقى نعيش نعيش أملا يدفع بنا الى صقل أفضل ...أنت النور ونحن المستنيرون.


تونس : تحارب من أجل التكيف ، بخطى ممكنة ...ستنجو .
لعلها هي الأخرى تتعلم رويدا أن تسير بخط ليس أعرج ، لعل في حرياتها المتطرفة في كل اتجاه ، لعل كون متمايز آخر...يتخلق.


سوريا - البحرين - العراق - السعودية - قطر - ليبيا 

أي شيطان يستطيع حقا أن يعرف مستقبل هذه الكيانات ، لا بد اله هو من يعرف.. فوحدها ارادة الهية تعرف هذا ....

أوه...هنا تنتهي حفلات دلفي....فهناك أكبر من محاولتي لاقتناص الزمن، هناك الصمت أمام البشرية وهي تتوجع.

بالله سأبعثر يدي ، هذا ما لا أستطيع مطلقا المرح معه ، فهناك كثير من الحزن والوجع يتكاثر هناك ، وهناك ما لا طاقة لي بملامسته أو حتى المرور عليه بعبث  ، الى هنا ويقف حد المرح مع الزمن...وحده الصمت يفرض نفسه علي أمام آلامهم جميعا.


فقط سأقول : ليكن هناك سلام يملئ أرواح الجميع هناك...فكم يبدو ضبابيا جدا عالم هذه الكيانات....ضبابي جدا.

يا رب ..أني أعرف أني لست طيبة جدا ، وأن دعواتي تشبه قوس قزح يشق السماء ، آملة مترجية حالمة...

لكن يا رب

احم كل العرب والمسلمين .....

يا رب

اجعل السلام طريق البشرية ، وان كان لا بد من المناكفة أحيانا فليكن على كرة قدم ، بدلا من طبق صواريخ.

آمين يا رب...






الاثنين، أغسطس 12، 2013

امرؤ القيس ، حبيبي يا امرؤ القيس .




يلومني البعض لأني أفكر كثيرا في السياسة ، هذا اللوم ليس صدفة أو حادث عابر ، هذا هو الدوام ، الحدث الدائم الذي لا ينتهي : " لماذا تضيعين أنوثتك بالأفكار وبالتفكير ؟!!!"

تنصحني صديقة غالية وعلى شفتيها ابتسامة لئيمة : " ستخسرين أنوثتك ان ازددت معرفة أكثر من كذا "!!!

الأنثى في قاموس الصديقات : شئ خلق للجمال ، وللجمال أسرار ، ليس أحد هذه الأسرار : التفكير ، ليس أحدها طبعا البحث ليل نهار شغفا في موضوع ما ، هن يؤمن بعمق ، أن ليس هناك تجد الأنثى ذاتها ، الأنثى خلقت للانسجام ، للحب ، للعطر ، ولأجمل الأشياء.



تشدني صديقة أخرى من يدي : " وش مالك ومال الأخوان ، يا بنتي فكري في المتعة وفي الشعر وفي الفنون ، هناك تجدين نفسك "....ثم تشير لي بيدها الخفيفة : " هيا لنشتري فساتين جديدة ".


في العمل أتلقى ذات اللوم ، الزميلات لديهن فلسفة عميقة حول جوهر الأنثى : الأنثى كائن ناعم ، متمايز برقته ، كائن يهيم في  "حرمة" وجوده الخاص في الخدر ، الأنثى هي النشوة التي يجب أن تبقى محلها ، صامتة وعنيفة وغير متوهجة ، هادئة هدوء الصمت ، بليغة بلاغة الغياب.


وحين أبدأ في تصديقهن قليلا وأتلذذ بخداع نفسي ، أفتح قلبي قليلا ، فيضج هناك زمن يتفتح فيه صوت عذب من الأعماق ، صوت يأتي مع نشوات الليل المدفونة في القلب والذاكرة ، فأقتنع بأن السياسة وجع في القلب ، وأقول بصفاء نية :
"امرؤ القيس ، حبيبي يا امرؤ القيس ..هل نتحدث اذا عن امرؤ القيس ".


فتقول امرأة بالجوار وهي ترفع حاجبا  : "قيس الماجن الخليع الذي لا سامحه الله "



أحتار : " طيب لنتحدث في السياسة اذا ، الأخوان "...فتقاطعني امرأة أخرى : " تبا ، السياسة مجددا "


ثم تبدأ في تلاوة سيرة الأنثى كما تجب :



المرأة يا ابنتي ، صوت ناعم حذر ، كيفما تحرك ، وجب أن يهدأ....لا أن يعبر عن وجوده .المرأة يا ابنتي ، لا شغل لها بالسياسة والأخوان وامرؤ القيس الماجن ، المرأة هي ما يريد لها وليها ، هو يعرف صالحها افضل من أيا كان ، وهي خلقت لتحيا في كسل ناعم بهيج مثمر.


أقاطعها كما لو أني لم أسمع خطبتها ، سارحة في معلقة امرؤ القيس أسألها : " هل تعرفين لما علقت قصيدة امرؤ القيس على الكعبة "

تقول : " لاااااااا ،ولا أهتم ، رجل لم يحترم النساء هو "


أتنحنح قليلا ، وأقول : "هو يحب النساء صدقيني..جدا جدا..." ثم أضحك.

تسألني هي : " وهل الحب هو الاحترام"؟ "


أجيبها : " الحب هو الاحترام ،
 هو أن ترى في الآخر كفؤا وندا ..طبعا طبعا"


لا يعجبها كلامي ، ولا يريحها مدحي لامرؤ القيس ولا شغفي بجنونه و ولعه ، وهي لا تريدني أن أتحدث في السياسة ولا في الأخوان ، ثم بعد جهد جهيد في التلطف بي تقول " " طيب ، ماذا تحبين في امرؤ القيس ...اخبريني ".

أرد بسرعة سهم منطلق : " أحب حيويته ...صدقه الدافق المجنون ، لغته الجزلة التي تصير شلالا منبعثا كنجم يتفكك في الفضاء بهيا وخلاقا ".


توقف اندفاعي فتقول : " المرء يحشر مع من أحب يا شابة " ، ثم تبتسم بلؤم...


أسمعها ولكن كأني لا أسمعها ، و في تلك الثانية تحضرني الحكمة المستغانمية :



" ليس هناك أنصاف خطايا ، ولا أنصاف ملذات ، لذلك لا يوجد مكان ثالث بين الجنة والنار ، فعلينا تفاديا للحسابات الخاطئة ، أن ندخل أحدها بجدارة ".

تنظر الي المرأة مجددا ، تحدقني بنظرة حنونة ، تهمس لي في حنان : اسمعي يا ابنتي ، هذه أمور لا يجب أن تفكري فيها ، صدقيني ، أنت تهدرين حياتك في فراغ "

أنظر اليها وأشعر بالندم :

" طيب ، أنا آسفة لأني أحب امرؤ القيس "

أصمت قليلا وقلبي لا يزال يردد في صمته : " امرؤ القيس ، حبيبي يا امرؤ القيس ".



بحث هذه المدونة الإلكترونية