الأربعاء، نوفمبر 23، 2011

سيرة ذاتية : السبع سنوات الأخيرة.

ان السنوات السبع الأخيرة في حياتي لم تكن الا رحلة بحث عن الذات ، انعكست ثروتها في قلبي قدرة هائلة على تقبل وامتصاص العالم والآخرين ، حين قال لي أحدهم في منتدى الكتروني : " تبدين كفرح تجاوز ألما كبيرا " لم يكن الا صادقا...

فالبرغم من أنني لم أحيا طفولة بائسة ، لم أتعرض لسوء معاملة ولا اغتصاب ولا قهر ، ولا حتى كان هناك من ضربني أو آذاني ولو ضربة واحدة...الا أني عشت فترة طويلة من حياتي بحثا ...

هذا البحث الطويل عن هوية ملامحي النفسية والعقلية لم يكن سهلا مطلقا ، فقد ورثت رقة وهشاشة من أمي بلغت أقصاها مع حبي العميق للفن ، رافق ذلك رغبات عنيفة منطلقة تتفتق في جسدي صراعات ودهشة ، وقد أورثتني أمي نظام " قيم " معقد ، لم يكن سهلا قط التعامل معه ، وان أصعب ما اضطررت للتعامل معه هو نظام القيم هذا ...هذا النظام الذي قضيت آخر سبع سنوات من عمري وأنا أعاني منه وبسببه أشد الآلام والحيرة والتعب.

هذا النظام الذي أورثني أشد آلامي عمقا ، هذا البحث الطويل والمضني عن النفس وسط حرب شاملة من " المفترض " " الواجب " " المغيب " "المحتقر " "المظلم " ....

هذا التخبط الشديد ، والتيه الفكري العظيم ، الارهاق والبحث ، جعلني أقرأ كل ما وقع يدي عليه بحثا عن نور ، مجرد نور في نفق طويل...



بحث شامل في كل شئ ، تحدثت مع كل من استطعت ، تسائلت ، كتبت ، بكيت و ضحكت طويلا ، كان ملمحا واحدا مرافقا لي طوال السبع السنوات الأخيرة : 

الحيرة...........

هذه الحيرة التي جعلتني أنام ليالي طويلة دون أن أنام فعليا ، أورثتني ارهاق تجلى بوضوح في عيناي ، في جسدي ، في مشيتي ، في كل ما يتعلق بي...

ان طبعي اللطيف الذي ورثته عن أب حنون جدا ، والاصرار الذي ورثته عن أم ذات روح قوية خارقة الذكاء عصابية ، أنتج مني أنثى أصرت على أن تخلق من كل هذا الميراث : خصوصية وجودها التامة ...


لقد كنت أبحث عن نفسي ، عن حريتي ، عن ارادتي..

وفي سبيل ذلك امتنعت عن الزواج ، رفضت كل شاب تقدم لي وقد اورثني ذلك صراعات هائلة مع أهلي ومع المجتمع ، 

وأورثني هذا الاصرار على التحقق النفسي قبل تحمل اي مسؤولية ..

أورثني بحثي التام عن ذاتي والتزامي به ، قناعة تامة بأنه : يجب ان أحيا كما أرغب انا...


هذا النهار ..هذا النهار ...

أنظر الى السبع سنوات الأخيرة ...وأشعر أن ما فعلته - رغم كل الأخطاء والزلات والحيرة والارهاق- 

كان أفضل قرار اتخذته .

فقد بدأ النور يشق حياتي ، وها أنا أجد نفسي أخيرا ...في المكان والزمان وال " الآن "..

ولأول مرة لا أشعر : أن هناك شئ ناقص ...

ها أنا هذا اليوم ولأول مرة بعد عذاب شديد ، 

أتنفس....

وأنظر الى العالم وأشعر بطعم ورائحة الكون وأشعر بنفسي ، 

كما لو أني...


كما لو أني...


ولدت اليوم........

السبت، نوفمبر 19، 2011

صديقتي الرائعة




كيف كان يمكنني أن أواجه عيناك يومها دون أن أشعر بالخوف ، بالضياع ،و باللامعنى،

كنت تنظرين الي ، وكنت أحاول أن أرى من خلالك : أي معنى هو في محاذاة الموت بهكذا اقتراب.

حاولت أن أمنحك معنى ، أي معنى ، خارطة أي خارطة... أن أمنحك ابتسامة كضوء في نفق معتم ، وكنت أبتسم ،وكان قلبي يغرق في لجة العدم ، العتمة ، والتيه .....

البيتزا حولنا ، النادل في المحل ينظر الينا دون أن يفهم ، ونحن كنا ننظر دون أن نفهم ، وحدها الحيرة ابتلعتنا جميعا ، كما طوفان يغرق كل شئ....

وضاع مني المعنى ....

بعد أن ركبت انت السيارة مع زوجك ، كنت أواجه نفسي ، كما لو أن صحراء التهمتني ، كما لو أن الشمس لن تشرق مجددا أتذكر  كيف أني كنت ألمح ضبابا فوق ضبابا يملئ عيناي وسالت على وجهي دمعتان ساخنتان استقرتا على مقود السيارة ،

نحو لا شئ ...بداء من لا شئ ، الموت يخترق الحياة كنصل لا يرحم..

وكنت أحاول أن أقارب الرعب أمام الموت ، أن أستوعب الشعور والمرء يتحلل أمام ذاته ، ولم أتمكن ، الرعب حاصرني ، ولم أتمكن الا من الغوص نحو لا قرار.

وكنت أهوي ، أغرق في ذاكرتي...

نحو مساحات من الحرية أمسكناها بأطراف أصابعنا.

نحو ضحكات على طيور نخيفها فتحلق وتتناثر حولنا كعقد من البياض.

نحو بحر كنا نتلو صلاتنا أمامه...كل غروب شمس وكل شروقها.

نحو شاب كنا نلتفت اليه ونضحك غير مهتمين باخفاء انسحارنا أمامه ، ثم تباغتنا الصدفة المباغتة في أن يسمعنا فنكركر ضحكا..

نحو ساعات تقاسمناها خبزا وفرحا ودموعا وطاقة من الحياة...

هناك على رف غرفتك في الجامعة لا يزال كأسي ممتلئ بالحليب ، وأنا لا زلت اصرخ : أنا لا أحب الحليب ، ولا زلت أنت تضحكين : اذا لا تشربيه ...
هناك على ممر صغير كان عازف ناي يحررنا عازفا : أعطني الناي وغني ، كان يعزف وسط ظلامه الخاص في ممر ما ، وكنا نحاذيه فنغني ، لا يرانا لا نراه ، تفصلنا الأعمدة والمسارات ، وحده نغم الناي يجمعنا...وأصواتنا الغضة.


أنا أنتقل رويدا نحو أحزاني فألامسها ولم أعد أعي : لأي شئ...لأي شئ يحدث هذا !!


وحيدة أمام رعبي من الفقد ، لم اعد أتمكن من النظر الى عينيك ولا حتى على التظاهر أكثر بالقوة أو بأن كل شئ بخير..


لو أنني تمكنت من القول لك ، دون كبرياء الصمود ، ودون عزلتي الطويلة في ظلامي الخاص ، لو أنني تمكنت أن أقول لك دون صمتي ، ودون أن أدعي بأن هناك نورا ينضح من كل شئ ...لو أنني تمكنت من القول ...

أنا أحبك...........

و

أنا...أنا...

أخاف

أن

أفقدك.

بحث هذه المدونة الإلكترونية